الأحد، 22 مايو 2011

جيشها عاميها

لا ادري لماذا تذكرت حين شرعت في الكتابة ذلك المقطع الجميل لشاب يدعى محمد النوبي تخرج استثنائيا من الشرطة ليسد الفراغ الامني الذي صنعه سابقوه من ضباط الشرطة حيث وقف يهتف بشئ اقرب للشعر بشكل حماسي يريد من خلاله ان يخبرنا ان الشرطة تغيرت .. 


تذكرت جملة من ما اسماه شعرا يقول فيها مادحا الجيش .. جيشها عاميها

ربما كانت تلك الجملة هي اصدق ما سمعت من الشرطة خلال الفترة الاخيرة واقصد بالفترة الاخيرة 60 عاما تقريبا

المهم ان هذا ليس موضوعنا بل موضوعنا الجملة ذاتها .. فبالنظر لحال مصر الان نجد انه ينطبق ذلك القول .. جيشها عاميها وفي اوقات اخرى مستعماها

بعد قيام الثورة او تحديدا عند نزول الجيش للشارع استقبله الناس بالترحاب ظناً منهم ان هذا فعل من شأنه التوقع بسقوط مبارك وهللوا في الشوارع لكل عربة مدرعة او دبابة او اي كائن ببدلة كاكي مموهة.. لم يكن تهليل المرحب بمن يحميه بقدر ما كان ترحيبا بقطاع اخر ما سمعه عنه هو نصر اكتوبر فهو يستقبل الجيش المنتصر على اليهود والذي يضم بين صفوفه من كل بيت مصري ضابطا او مجندا 

نزل الجيش او بالاصح الحرس الجمهوري ويهيأ لي ان الاستقبال غير المتوقع من الشعب غير ما كان ينتويه من اطلاق نار خاصة وان الناس لم تكن تعلم والحمد لله انه حرس جمهوري واللا لاقى مصير اقرانه من الشرطة الذين تلقوا علقة لم يأخذها حرامي في مولد.

تولد لدى الناس الاحساس بالطمأنينة وان ظهورهم اصبحت مؤمّنة بقوات الجيش مما يجعلهم يباشرون ما نزلوا للشارع من أجله وهو اسقاط مبارك ونظامه غير عابئين بمن سيحاول النيل منهم فالجيش في الشارع وهو حبيب الشعب وحاميه..

يوم 2 فبراير تغير هذا المفهوم نسبياً فقد قام الجيش بغض الطرف عن هجوم سافر على معتصمي التحرير استمر لمدة 16 ساعة حيث عاد الجيش بالياته الي الخلف تاركا المساحة لبلطجية النظام كي يحاولوا اخلاء الميدان مما بين ان الجيش او بالاحرى قادته لا يريدون تلك الثورة ولا مبرر اطلاقا لما حدث يومها الا انه خيانة لشعب هلل له واستقبله فرحا..



وبعد ان نجح الثوار في الاطاحة بمبارك وازلامه خرج علينا الجيش معلنا التحية للشهداء رافعا شعار حماية الثورة وعدم التآمر عليها وانه رفض اطلاق النار على الثورا ايمانا بهم وبثورتهم .. ولكن يبدو ان هذا ليس ما يبطنوه اذا نظرنا لهذا الفيديو مثلا


اذن فالجيش لم يرفض اطلاق النار بل انه امر بدك الميدان على من فيه ولعل الطائرات التي كانت تحوم فوق الميدان مع شهادة ذلك الجندي خير دليل على ذلك

ولكن دعنا نسلم ان الجيش رفض اطلاق النار .. فهل من الطبيعي ان يكون هذا فعلا يمن به علينا كل حين واخر؟؟ .. اليس من الطبيعي ان يكون هذا هو الواجب؟؟

هل اذا رفض الموظف رشوة نعتبره بطلا؟ ام ان هذا هو الطبيعي
هل اذا ضبط الشرطي مجرما نعتبره بطلا؟ ام ان هذا هو الطبيعي 
هل اذا كتب شرطي المرور مخالفة يعد ذلك فضلا منه؟ ام ان ذلك هو الطبيعي

الاجرام وغير الطبيعي ان يفعل العكس .. اما ان يكون رفض قتل المتظاهرين مثارا للفخر والمنّ وكأنه كان من الطبيعي ان يقتلوهم ولكن تفضلا وتكرما لم يفعل

ثم قام الجيش بمطالبة الثوار بالانصراف حتى يتمكن من ادراة المرحلة الانتقالية ومحاسة الفساد قائلا الجملة الشهيرة: "هو ميدان التحرير هيروح فين؟ انه موجود لمن اراد ان ينزل فيه اذا لم يعجبه امرا منا"

واذا بالجيش يحنث فيما وعد به .. فلا هو يدير المرحلة بما ينبغي ان يكون ولا هو يحاسب الفساد بما يرضي الشعب وفي النهاية ايضا اكتشفنا ان الميدان غير موجود الا يوم الجمعة واياك ثم اياك ان نراك في الشارع والا....

وهنا ظهر ما خشيناه من غدر

غدر المجلس بالناس حين استفتاهم على بعض المواد لا يتعدوا العشرة ثم طرح 63 مادة دون استفتاء

غدر بهم حين وعد بحوار وطني ثم سبقه بقانون مباشرة الحياة السياسية دون استشارتهم

غدر بهم حين ترك بعض التجاوزات تحدث تحت عينيه كحادث امبابة وماسبيرو

غدر بهم حين اعتقلهم من الشوراع وحاسبهم عسكريا دون مراعاة المرحلة الثورية التي تمر بها البلاد

غدر بهم حين وجدوا سارقيهم وجلاديهم يحاكمون في محاكم مدنية محرومون هم منها حال تم محاكمتهم

غدر بهم حين حاسب الفاسدين على اقل جرائمهم شأنا من اهدار للمال وبعض الحوادث الهينة التي لا تشفي الغليل في حين ترك الجرائم الاعظم التي ان حوكموا بسببها فلن يفلتوا من الاعدام

غدر بهم حين ترك بعض الفاسدين في اماكنهم لفترات طويلة ومنهم الموجود الى الان في مكانه

غدر بهم حين اوحى بالعفو عن مبارك

غدر بهم حين ترك مبارك في مستشفى اقرب للفندق في منتجع سياحي يهنأ بحياة رغدة في حين كان مصير من وقف اعتراضا على الفساد يلقى به في السجون الضيقة

غدر بهم حين لم يأخذ بثأر الشهداء وترك قاتليهم في مناصبهم بل وقام بترقية بعضهم

غدر بهم حين تعامل معهم وكأنهم "شوية عيال عايزين يمشوا البلد"

غدر بهم حين ترك رموز الحزب الوطني المنحل وامن الدولة المنحل يعيثون في الارض الفساد

غدر بهم حين ظن ان الموافقة على التعديلات كانت من اجل عيونه هو في حين ان جل من وافق كان لاجل انسحابه من الحياة السياسية

ياله  من احساس بشع ان تشعر بالغدر ممن انتظرت منهم الوفاء والأمل والأمان ..

انتظر الناس منهم ان يحميهم من الشرطة والبلطجية فاذا به يطلقونهم عليهم ولا يأتي لحمياتهم الى بعد ان يفرغوا منهم ولا يأتي في الموعد الا حين كان الامر متعلقا بالسفارة الصهيونية

هنا سقط الحب والهيام اللذين كانا يكنهما الشعب لجيشه .. سقط لانهم يتساءلون ماذا فعلنا لنلاقي منكم ذلك؟؟

نحن لا نرفض ان يقود الجيش المرحلة الانتقالية ولكن كل المؤشرات تشير انه يديرها من وجهة نظره هو لا الشعب .. فلا هو اظهر العين الحمراء للفاسدين ولا هو حاكمهم على جرائمهم الكبيرة سياسيا ولا هو ترك غيره ينفذ ذلك .. فانا لا اطالب بتنحية الجيش بل اطالبه بالاستجابة للشارع الذي لن يقبل بعد كل تضحياته ان تفشل ثورته ولن يخاف البندقية التي وقف في وجهها ايام الثورة الاولى ولم ترهبه بل زادته اصرارا على اكمال ما بدأه

فالشعب قبل ان يسقط مبارك ونظامه اسقط ما هو اهم .. الخوف .. ذلك الحاجز الذي ظل يحاوطه طوال حياته وجعله يتحمل الذل والاهانة.

الجيش يعلم ان الشارع يغلي ويلقي له بين الحين والاخر قطعة لحم لتهدءته ولكن يبدو انه لم يعد يشتهي ذلك اللحم الملقى اليه بل هو اكثر اشتياقا لوجبة دسمة من الحرية والكرامة والعدالة

والى اللقاء في الميدان يوم 27 مايو



هناك 4 تعليقات:

  1. دعني أختلف معك وأبين لك خطأك وعدم إدراكك ولعلك تعيش مدللا أيتساوى من يأخذ الرشوة مع من يرفضها أيتساوى الجيش المصري مع الصيني أو السوري أو اليمني أو الليبي وخلافه؟ أريد منك إجابة .
    دعك من هذا الجيش المصري جيش بطولي وجيش والله كان باستطاعته أن يفرق المتظاهرين في ميدان التحرير في ساعة ولكن أبطال القوات المسلحة رفضوا ذلك ونح الشعب اللمصري ولا ندري من أنتم نحب هذا الجيش ونرفض الحديث عنه بسوء وقلة أدب

    ردحذف
  2. اولا هناك فارق بين الجيش والمجلس العسكري فالجيش هو ببساطة أنا وأنت أما المجلس العسكري فيمثل بعضاً من قادة هذا الجيش الذين عينتهم القيادة السياسية والفيديو الموجود بالتدوينة هي رد صريح على من يتحدث عن بطولة المجلس في حين ان البطولة هي لافراد الجيش الذين كسروا الاوامر .. ثم اننا جميعا نحب الجيش ولكن لا يوجد احد فوق النقد ولا تحتكر لنفسك حق تقييم الاخرين والاساءة اليهم في حين ان كلامي لم يخرج عن حدود الادب .. وبالنسبة للمقارنة بين الجيوش فالجيش واجبه ان يحمي شعبه ولا يعد هذا امرا غريبا بينما الغريب ان يقهره .. وشكرا لقراءتك للتدوينة وتعليقك عليها

    ردحذف
  3. هو بيني وبينك الحب والوجد والحونية لم تسقط بين الشعب والتعلب المكار
    بس انت عارف بقى الحب مرايته عامية بنورتها مش قوي
    ومش عارفة على ما ربنا يتم الثورة دي ها يحصل فيا إيه
    انا بفقد الرغبة في الحديث مع الناس يوما بعد يوم حتى كدت أصاب بالتوحد:)
    تسلم ايدك يا ريس
    وشوف التعليق الأول
    لوز لوز لوز
    إلزم حدك يا مواطن أنت تكلم رئيس الجمهورية

    ردحذف
  4. ربنا يخليكي يا دكترة .. وبعدين سيبي الشعب ينتقدني انا بتاعهم برضو :)

    ردحذف