الاثنين، 8 يوليو 2013

هكذا شاهدت الصورة


الثورة قامت على نظام .. النظام كان من الذكاء انه يعتبر مبارك كارت محروق واعد العدة لمثل هذا .. ولانه كان يعلم مسبقا ان الغضب ينصب على مبارك ورجاله (وهم جزء من النظام ككل) فوجد انه من الضروري ان يذهب مبارك كي يذهب معه غضب الجماهير وسلم الحكم مباشرة لمجلس عسكري (جزء من النظام) الذي ترك افراد وحاشية مبارك ينظفون ما يمكن ان يدين النظام الاكبر مع سعي المجلس للظهور بشك البديل لنظم مبارك ولكنه فشل في جمع الناس حوله لارتباطه باسم مبارك خاصة بعد اصطدامه بالشارع في اكثر من مناسبة .. وبالتالي اصبح من المحتم عليه ان ينسحب من المشهد بشكل واضح ولكن بدون زوال النظام القائم .. فبدأ في الدعوة لانتخابات رئاسية واضعا بعض رجالاته كي يتم اختيار احدهم كرئيس للدولة يحقق الامان المفقود ويحل الازمات الموجودة ..

كانت الخطة ان ينزل معترك الرئاسة اكثر من وجه بعضهم مفضوح بتبعيته للنظام (عمر سليمان) والاخر مقبول لدى شريحة كبيرة (شفيق) وكان الهدف من الاول ان يتم ازاحته مع المرشحين الاوفر حظا وقتها (الشاطر وابو اسماعيل) ليخفف من الغضب العام باعتبار استبعاده سيكون محل الاستغراب اكثر وكان لهم ما ارادوا..


واصبح الامر الان ان القوى الثورية هي الاكثر ايجابية في التوجه الى الصناديق ولكن ظل الرهان على اختلافهم وبالتالي تتفتت اصواتهم بين المرشحين البعيدين عن سيطرة هذا النظام الكبير مما يرجح كفة مرشحهم البديل المقبول شعبيا ومؤسسيا ويستتب الامر له مع العمل على زيادة حجم الازمات الامنية والاقتصادية التي سيأتي حلها بمجرد وصول مرشحهم لكرسيه الذي بالاتحادية.

وجد النظام الاكبر نفسه في موقف جديد حيث جولة اعادة بين من يراهن عليه (شفيق) ومرشح الاخوان (مرسي) ولكنه اعتبر الامر محسوما لصالح مرشحه حيث ان القوى الثورية قد اصبحت غاضبة على الاخوان وبالتالي مرشحهم نتيجة ممارسات الجماعة في تلك الفترة من خلال البرلمان وتركها للثوار في الميدان يتم قتلهم وسحلهم في اكثر من مناسبة دون تدخل او دعم وعليه اعتبر ان اصوات اغلب الشعب او ما يطلق عليه (حزب الكنبة) سيذهب لصالح مرشحهم خاصة في ظل بغض وكراهية البعض للاخوان وكذلك اصوات بعض القوى الثورية التي وجدت تقاربا في الايديولوجية مع (شفيق) ضد ما اسمته بالدولة الدينية التي يبناها الاخوان فضلا عن امتناع قطاع كبير منهم في التصويت في المرحلة الثانية ما يصب في صالح مرشح النظام..

المفاجأة كانت في تقارب الاصوات بين المرشحين نتيجة تكاتف بعض القوى الثورية وقتها في دعم اي مرشح يواجه مرشح النظام بل انه تعدى عدد المصوتين لمرشحهم مما اربك حساباته وهو ما يفسر تأخر اعلان النتيجة وقتها.


لم يجد النظام الاكبر بدا من الجلوس لمفاوضة ومساومة الطرف الذي فاجأهم بحيث يجعلوه يسير في الخط المرسوم لذلك النظام الذي يحكم مصر بشكل اخطبوطي وبالتالي يتم عقد صفقة (يقبلها الاخوان كعادتهم) بحيث يتم تسليمهم الحكم في مقابل تنفيذ ما يقال لهم للحفاظ على النظام بسياساته ومؤسساته ووافق الاخوان.


بمجرد جلوس الاخوان على الكرسي ظنوا انهم ملكوا الامر ويمكن لهم الان تمكين الجماعة من الدولة واقصاء معارضيهم بل واقصاء ذلك النظام الاكبر كذلك.


قام الاخوان بعمل عدة امور من منطلق ما سبق فصموا اذانهم واعينهم عن القوى الثورية التي اعتبروا انها كانت مجرد سلم لوصولهم للسلطة وذهبوا لاقصاء بعض مراكز القوى في النظام الاكبر (طنطاوي وعنان وغيرهما) مصدرين اعلان دستوري استفز الشارع اكثر من استعداءه لذلك النظام الاكبر ما جعل الاخير وهو المسيطر على مؤسسات الدولة الامنية والاقتصادية في توريطه في ازمات تلو الاخرى افقدته تعاطف الجميع حتى بات رحيله مطلبا شعبيا وثوريا فضلا ان وقف الاخوان كان غريبا في استعداءه لكل الاطراف واستئثاره بالامر دون ان يظن انه في احتياج لباقي القوى الاخرى بل وانهم ظلوا يظهرون انفسهم وكأنهم المتحكمون في مقاليد الامر وان المؤسسات تحت قيادتهم على عكس الحقيقة..


قامت حركة تمرد التي نبعت من رحم الثورة نتيجة ذلك المشهد المعتم من جماعة لا تريد المشاركة بل اصرت على المغالبة مع زيادة الازمات الامنية والاقتصادية التي لم يعترفوا بها او حتى لم يكاشفوا بعدم سيطرتهم على المؤسسات اساس الازمات ما افقدهم دعم الشارع ايضا الذي رآهم سبب المشاكل تلك وان رحيلهم اصبح حتميا وبدأ الناس في التمرد رويدا رويدا بمباركة ودعم من اعلام بعضه بدافع وطني والبعض بدافع البغض وبعض اخر من خلال خطة الاسقاط الموضوعة من ذلك النظام الاكبر.

وكان ما كان في 30 يونيو مع تحرك سريع للقوات المسلحة لاسقاط (مرسي) الذي ظل مكابرا عن رؤية الازمة حتى اخر لحظة بل ان النظام هذا كان من الغباء بحيث حُلت جميع الازمات بمجرد الخروج على (مرسي) في الشوارع بشكل يثبت ما سب من ان الازمات مفتعلة.

هذه المرة نجح النظام الاكبر في ان تأتيه الفرصة للعودة للساحة تحت تأييد شعبي بل وثوري ايضا حيث ظهر وكأنه الحامي من توغل الاخوان الذي بدا للجميع.


لم يستتب الامر لذلك النظام لفرض نفسه كنظام حاكم بعد ربما لان بعض القوى الثورية لا تزال عند موقفها من نظام مبارك ومن تدخل الجيش في الحياة السياسية .. كذلك فان قيادة بعض التيارات الثورية للشارع ربما يفسد مخططهم.

حتى ان دخول (البرادعي) للمعادلة ربما بطلب منهم كان للايحاء بان الثورة هي المسيطرة ولكن فضحهم ابداء موافقتهم لاي اعتراض على شخص (البرادعي) لتولي رئاسة الوزراء او لتولي اي منصب في تلك الفترة الانتقالية ربما لانه غير قابل للخضوع لرغباتهم ولن يرضى بان يكون مجرد صورة في الواجهة لنظام يحركه.

ما سبق هو رؤية وظن يصل إلى اليقين لدي

وارى ان الرهان الان على ان تستمر القوى الثورية في التواجد على الساحة لقيادة الشارع دون ان تعطي الضوء الاخضر للمجلس العسكري لقيادة تلك المرحلة ولكي تكتمل الثورة على هذا النظام الاكبر الذي لن تكفيه اكثر من ثورة حتى يزول بفساده المستشري في المؤسسات المختلفة.
بل ان ذلك النظام يحاول الان تصدير الاخوان للمشهد بشكل يجعله يمتص كل مظاهر الغضب لدى الشارع ويستغل الامر لرسم صورة جديدة للمؤسسات الامنية بشكل ملائكي دون تطهير فعلي لها.